كتب نيك آدامز، الزميل البارز غير المقيم في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط، أنّ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الماضي لعدد من العواصم الخليجية أثارت ضجة كبيرة، غير أنّ سلطنة عُمان غابت عن قائمة الدول التي شملتها الزيارة. رغم ذلك، تظل السلطنة شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة بفضل موقعها الحيوي وسياساتها المتوازنة، إضافة إلى إمكاناتها الاقتصادية المتنامية التي تمنحها فرصة فريدة للاستفادة من التحولات الجارية في التجارة العالمية.
ذكرت أتلانتيك كاونسل أنّ ميناء الدقم بات يزداد أهمية كأحد أبرز المراكز اللوجستية في المنطقة، بينما تعد عُمان من بين أربع دول فقط في الشرق الأوسط تتمتع باتفاقية تجارة حرة مع واشنطن، ما يعزز فرصها في جذب الاستثمارات الأميركية بمجالات الطاقة والدفاع واللوجستيات. ورغم محدودية احتياطيات النفط والغاز مقارنة بجيرانها، تنتهج السلطنة سياسة خارجية أكثر توازناً، وتشارك في مبادرات أمنية أميركية مثل قوات المهام البحرية المشتركة ومناورات "خنجر حد"، بما يضمن توافقاً عسكرياً متزايداً مع القوات الأميركية في حماية مضيق هرمز الحيوي.
تحتل عُمان موقعاً محورياً في الملفات الإقليمية، إذ ساهمت في المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، وأدارت وساطات مهمة مثل وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين في مايو 2025. كما أتاح "اتفاق الإطار" الموقّع عام 2019 وصولاً أميركياً موسعاً إلى ميناءي الدقم وصلالة، بما يبرز دور السلطنة كمركز بحري أساسي لحلفائها.
على الصعيد الاقتصادي، يشكّل الدقم ركيزة في رؤية عُمان 2040، حيث شهد إعلان استثمار بقيمة 550 مليون دولار من شركة "إنفستكورب" البحرينية لتوسعة الميناء وبناء بنية تحتية بحرية جديدة. يتضمن المشروع إنشاء مصنع لإنتاج الحديد منخفض الكربون والصلب المعتمد على الهيدروجين، ما يتماشى مع أهداف الاستدامة والتحول نحو الطاقة النظيفة. يضاف إلى ذلك دعم البنك الدولي منذ عام 2019 عبر ضخ 1.2 مليار دولار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، فضلاً عن خطط لتشييد خمسة من أكبر عشرة مشروعات هيدروجين منخفض الكربون في الشرق الأوسط بحلول 2030.
ترتكز هذه المشاريع على تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط والغاز، وتفتح الباب أمام تعزيز شراكات في قطاعات المعادن والطاقة المتجددة والصناعات الخضراء. كما يعزز "قانون استثمار رأس المال الأجنبي" الجديد البيئة الاستثمارية بفضل إلغاء شرط الحد الأدنى لرأس المال والسماح بالملكية الأجنبية الكاملة في معظم القطاعات، وهو ما يتيح للشركات الأميركية والأجنبية تأسيس مشاريع مستقلة دون الحاجة إلى شركاء محليين.
تواكب هذه الإصلاحات فرصاً أوسع لشركات التكنولوجيا والطاقة والدفاع الأميركية، خاصة في ظل نمو الاستثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة على مستوى المنطقة. ومع ارتفاع استثمارات رأس المال المغامر الأميركي بنسبة 47% خلال عام واحد، تتلاقى المصالح العُمانية والأميركية في خلق بيئة أعمال أكثر جاذبية.
كما يفتح التعاون الدفاعي آفاقاً جديدة، إذ يمكن لاتفاقيات إنتاج مشترك، مشابهة لتعاون "لوكهيد مارتن" في السعودية، أن تعزز القدرات العسكرية للبلدين وتوفر فرصاً اقتصادية مربحة لشركات التكنولوجيا الدفاعية الأميركية، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى حلول أمنية متقدمة.
رغم التحديات الاقتصادية العالمية، تظل عُمان شريكاً ثابتاً للولايات المتحدة في الدفاع والاقتصاد. موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ورؤيتها الاقتصادية بعيدة المدى، وإصلاحاتها التنظيمية تمنحها فرصة لتصبح لاعباً محورياً في مستقبل الخليج. وبالنسبة للشركات الأميركية وصنّاع القرار، لم يعد السؤال ما إذا كانت عُمان ستؤدي دوراً أكبر، بل ما إذا كانت الولايات المتحدة ستغتنم الفرصة قبل أن يسبقها آخرون.
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/the-gulfs-dark-horse-why-oman-can-seize-a-global-trade-realignment/